يتهم بعض مرضى الانزلاق الغضروفي أطبائهم المعالجين بقلة الخبرة والكفاءة إذا طالت مدة علاج الانزلاق الغضروفي، في حين أن ذويهم قد تماثلوا للشفاء التام في غضون أيام قليلة من العلاج.
تُرى تسبب قلة خبرة الطبيب إلى طول مدة العلاج أم تتحكم عوامل أخرى في هذا الأمر؟ هذا ما نناقشه تفصيلًا في فقرات هذا المقال.
كم تبلغ مدة علاج الانزلاق الغضروفي المتعارف عليها؟
قدّر الأطباء مدة علاج الانزلاق الغضروفي -بناءًا على تجاربهم الكثيرة مع مختلف الحالات- أنها تتراوح ما بين 6 أسابيع و6 أشهر، فخلال هذه المدة استطاع معظم المرضى التعافي تمامًا من آلام الغضروف واستعادة قوة العضلات وأداء مهامهم اليومية بسلاسة دون ألم أو حاجة إلى المساعدة.
ورغم ذلك قد نجد كثير من الحالات تستغرق فترة أطول من ذلك في العلاج، ترى هل يدل ذلك حقًا على قلة كفاءة الطبيب المعالج؟
اضغط هنا لقراة المزيد حول هل الجري يؤثر على الانزلاق الغضروفي؟
طول مدة العلاج ترجع إلى قلة خبرة الطبيب، هل أمر حقيقي؟
قولًا واحدًا لا علاقة إطلاقًا بين طول مدة علاج بعض المرضى وقلة خبرة وكفاءة الطبيب، وبخصوص اختلاف مدة العلاج فمن الأمور المنطقية أن يحدث ذلك بين مريض وآخر، إذ توجد مجموعة من العوامل الجوهرية المتحكمة في رحلة العلاج.
ولعل أهم هذه العوامل:
عدد الغضاريف المنزلقة ومكانها
لا شك أن انزلاق أكثر من غضروف في أماكن مختلفة على طول العمود الفقري يستدعي عمل خطة علاجية محكمة، لتخفيف الآلام الناتجة ودعم قوة العضلات في هذه المناطق، والحد من الضغط الواقع على الأعصاب المحيطة بها.
لذلك قد يستغرق علاج عدة غضاريف منزلقة في العمود الفقري وقتًا أطول مقارنة بالحالات البسيطة التي تعاني من انزلاق غضروف في مكان واحد فقط.
شدة الانزلاق الغضروفي
يُصنف الانزلاق الغضروفي حسب شدته إلى عدة درجات: البسيطة والمتوسطة والشديدة، وكلما شُخص المرض في مراحله البسيطة والمتوسطة، كانت رحلة العلاج أكثر سهولة وأقصر نسبيًا.
بينما تطول رحلة علاج الغضروف من درجة الانزلاق الشديدة، وذلك لتأذي الأعصاب المحيطة بالغضروف المنزلق، وحاجتها إلى وقت أطول للتعافي واستعادة وظيفتها من جديد.
الأسلوب العلاجي الخاضع له المريض
تختلف مدة علاج الانزلاق الغضروفي بالعلاج التحفظي والأدوية عن الحقن والتردد الحراري وجلسات العلاج الطبيعي والتأهيلي، وكذلك التدخل الجراحي إذ قد يستغرق المريض وقتًا أطول في التعافي عند العلاج بالجراحة عن الأساليب السابقة -أيضًا-، ولكنها تتميز بكونها حلًا جذريًا ونهائيًا لمشكلة الانزلاق الغضروفي وآلامه المزعجة.
مدى التزام المريض بالتعليمات الطبية خلال رحلة العلاج
يظن بعض المرضى أن مسؤولية شفائهم من الانزلاق الغضروفي وقصر مدة العلاج تقع على عاتق الطبيب المعالج فقط، وهذا ليس صحيحًا إطلاقًا، إذ يؤثر التزامهم بالتعليمات التي يوصي بها الطبيب خلال رحلة العلاج -بالنسبة للنظام الغذائي والأدوية والنشاط البدني- إيجابًا في مدة علاج الانزلاق الغضروفي ويوصلهم سريعًا إلى طريق الشفاء من المرض.
سن المريض ومستوى لياقته البدنية
سن المريض ومستوى لياقته البدنية من العوامل الأكثر تأثيرًا في مدة علاج الانزلاق الغضروفي، فعلى أساسهم تُقاس مدى استجابة العمود الفقري والعضلات للأسلوب العلاجي المُقرر من قبل الطبيب.
وعليه فكلما كنت رياضيًا وحرصت على اتباع نمط حياة صحي، فإن نسب تعرضك للانزلاق الغضروفي تقل ومدة تعافيك منه -إذا أصبت بالفعل- تكون أسرع مقارنة بالآخرين.
وإجمالًا لحديثنا عن مدة علاج الانزلاق الغضروف والعوامل المؤثرة فيها، نوصي جميع مرضى الغضروف بعدم الحكم على فشل أو نجاح تجربة علاجهم بناءًا على آراء وتجارب الآخرين من حولهم، وضرورة وضع كل ثقتهم في جراح العمود الفقري الذي فحص حالتهم بدقة وعلى هذا الأساس أهلّهم إلى أسلوب العلاج المناسب.
ولمزيد من الإيضاح دعونا نتطرق إلى مراحل شفاء الغضروف المنزلق التي قد تستغرق لدى المرضى بضعة أيام أو أشهر حسب العوامل السابقة.
اضغط هنا لمعرفة المزيد حول العلاج الطبيعي أساس التعافي السريع ما بعد عملية الغضروف
مراحل الشفاء من الانزلاق الغضروفي
يتحقق الشفاء من الانزلاق الغضروفي على مراحل عدة لعل أهمها:
مرحلة الشفاء من الالتهاب الحاد
يتسبب انزلاق الغضروف من مكانه والضغط على جذور الأعصاب في التهاب حاد، كمحاولة طبيعية من الجهاز المناعي لحماية تلك الأعصاب من التلف.
لذلك قد يعاني مريض الغضروف في الأسبوع الأول من إصابته آلامًا حادة وغير محتملة، وعادة ما يكون علاج الالتهاب الحاد الأمر الأول الذي يستهدفه الطبيب في رحلة العلاج، ويُطبقه من خلال وصف بعض الأدوية ومضادات الالتهاب.
مرحلة تعافي الأنسجة المحيطة بالغضروف
بالانتهاء من مرحلة علاج الالتهاب، يأتي دور تعافي الأنسجة المحيطة، فقد ينتج عن انزلاق نواة الغضروف تمزق بعض الأنسجة أو العضلات المحيطة بها، وقد يحتاج التئامها مرة أخرى بضعة أسابيع، وتلك الفترة التي يوصي خلالها الطبيب تحديدًا بضرورة التزام المريض بالراحة التامة وعدم بذل أي مجهود بدني شاق.
مرحلة استعادة قوة العضلات
التئام العضلات والأنسجة المحيطة بالغضروف مرحلة مهمة من مراحل الشفاء، لكنها غير كافية على الإطلاق لعودة المريض إلى لياقته السابقة وأداء مهامه اليومية بسلاسة، إذ تحتاج هذه العضلات إلى اكتساب قوة ومرونة تمكنها من استعادة وظيفتها كالسابق وأفضل، ودعم استقامة العمود الفقري وحماية الأعصاب من ضغط الغضاريف المنزلقة عليها.
وتلك المرحلة هي التي يوصي فيها الطبيب بجلسات العلاج الطبيعي والتأهيلي لدعم قوة ومرونة العضلات، وتحقيق الشفاء التام من الغضروف.
وبناءًا على هذه المعلومات، نجد أن اختلاف مدة علاج الانزلاق الغضروفي بين المرضى أمرًا طبيعيًا ولا يدعو للقلق، بل هي مراحل عدة تختلف مدتها بين المرضى حسب طبيعة أجسامهم وشدة الإصابة لديهم.
وإذا رغبتم في معرفة مزيد من التفاصيل عن مدة علاج الانزلاق الغضروفي لدى كبار السن، فيمكنكم استشارة الدكتور محمد الحسيني أخصائي جراحة المخ والأعصاب والعمود الفقري.
تعرف على المزيد من المواضيع حول: